دورة حياة الشركات الناشئة – AMAK

دورة حياة الشركات الناشئة – AMAK

دورة حياة الشركات الناشئة

تعمل الشركة الناشئة على تقديم حلول فريدة من نوعها لمشكلات مجتمعية. بعبارة أدقّ، تعمل الشركات الناشئة على تقديم حلول خارج الصندوق لمشاكل مألوفة، وتمثّل نموذجاً فريداً بحدّ ذاتها، ولكن معظم الشركات الناشئة تشترك بما يُعرف بدورة حياة الشركة الناشئة Startup Lifecycle والتي تعني المراحل التي تمرّ بها الشركة بدءاً من الفكرة والتأسيس، وصولاً إلى النمو والتوسّع.

يناقش المقال الشركات الناشئة من حيث مراحل نشوئها خطوة بخطوة، بما يساعدك على امتلاك الفهم الصحيح لكيفية إطلاق شركتك الناشئة.

التعرُّف على دورة حياة الشركات الناشئة

إذا كنتَ رائد أعمال تمتلك فكرة تعتقد أنّك تستطيع اختراق السوق من خلالها، وتنوي إطلاق شركتك الناشئة بناءً عليها، عليك الاستعداد لمواجهة سلسلة من الصعوبات والتحدّيات يُجمع الخبراء على أنها محطات حتمية لأي شركة ناشئة في مراحل إطلاقها.

بناءً على ذلك، يتوجّب عليك -كرائد أعمال- يفكّر في إطلاق شركته الناشئة معرفة هذه المراحل، وفهمها بدقّة؛ حتى تتمكّن من مواجهتها وتجاوزها ببراعة، وإدارة نقاط الضعف والقوة بحكمة توظِّف الفرص المتاحة بالشكل الأمثل.

دورة حياة الشركات الناشئة

تتنوّع آراء الخبراء حول عدد المراحل التي تُشكّل دورة حياة الشركات الناشئة، فمنهم من يرى أنّ هذه الدورة تقتصر على ثلاث مراحل تبدأ بالفكرة، ثمّ إطلاق المنتج واختباره، وتنتهي بالنموّ والتوسّع، في المقابل، يُجمع غالبية رواد الأعمال حول أنّ الشركات الناشئة تمرّ بخمس مراحل رئيسية يمكن تحليل بشكل موسّع إلى سبع مراحل أساسية تغطي جميع أنواع الشركات الناشئة بشكل عام، وهي بالترتيب :

  • إدراك المشكلة واستكشاف حلٍّ لها.
  • ما قبل التمويل الأولي.
  • بناء الحدّ الأدنى من المنتج الأولي القابل للتطبيق.
  • التمويل الأولي.
  • بناء المنتج الملائم للسوق.
  • توسيع نطاق العمل.
  • النضج والنموّ.

سبع مراحل أساسية تغطي جميع أنواع الشركات الناشئة

1- إدارك المشكلة واستكشاف حلٍّ لها

تعد هذه المرحلة حجر الأساس، وتركز في تحديد مشكلة قائمة لدى شريحة معينة، ثم ابتكار حلّ ملائم لها. بعد أن تحدد المشكلة، عليك -كرائد أعمال- أن تتحقّق من استهداف المشكلة لفئة معينة حقيقية تبحث عن حل فعلي، وأن تتأكد من أن الحل الذي توصلت إليه هو حل فعّال وملائم.

تتطلّب هذه المرحلة دقّة ملاحظة كبيرة في أثناء التواصل مع الجمهور المستهدف، وقدرة فائقة في الحصول على كافّة المعلومات التي تخصّ العملاء.

احذر ألا تقع في فخ الافتراض المسبق بوجود فئة معيّنة ستشتري حتماً خدمتك أو منتجك؛ إليك بعض النصائح لتلافي الوقوع في هذه المشكلة:

  • حدّد جمهورك المستهدف بدقّة. تعرّف إلى عملائك المستهدفين عن قرب، وكن شغوفاً بالتواصل معهم، والتأكُّد من احتياجاتهم، وحاول مقابلة البعض منهم بشكل شخصي، واحرص على قراءة تعليقات العملاء في وسائل التواصل الاجتماعي التي تتعلق بالمشكلة التي تريد حلّها.
  •  حدّد آلام جمهورك المسنهدف. يمكن تعريف ألم العميل بأنه الحاجة التي يؤكّد وجودها على أنّ منتجك الذي ستقدّمه ذو قيمةٍ حقيقيةٍ لعميلك.
  • اسأل عملاءك عن الحلول التي اتّبعوها مسبقاً في المشكلة عينها، وحاول الاستفادة من ذلك بتغذية راجعة لتطوير فكرتك، وإدخال التعديلات المناسبة عليها.
  • حاول الخروج بشكل نهائيّ للفكرة بحيث تصبح جاهزة للتطبيق، بشكل يتكيّف مع آراء العملاء وآلامهم.

إدارة المشاكل في الشركات الناشئة

2- مرحلة ما قبل التمويل الأولي (Pre-Seed Round)

ربما لا تحتاج المرور في هذه المرحلة إن كانت فكرة منتجك أو خدمتك لا تحتاج إلى نفقاتٍ كبيرةٍ، ولكن أيّاً كانت التكلفة الأولية التي ستحتاجها، سيكون عليك المخاطرة بمجموعة من الأمور مثل: الوظيفة، أو بعض المال والمدّخرات التي تمتلكها.

لا تعني مرحلة قبل التمويل عدم الحاجة للتمويل، وإنما هي السعي إلى تمويل الفكرة ذاتياً على اعتبار أن المستثمرين لا يموّلون إلا الشركات القائمة على أرض الواقع، والتي تعكس بياناتها النتائج التي حقّقتها، فهم لا يدفعون مقابل الأفكار فقط.

ما رأيك ببعض الحلول لمرحلة ما قبل التمويل الأولي، وهذه أهمها:

  • المدّخرات الشخصية، ومدّخرات العائلة المالية.
  • قرض من المصرف لتمويل إطلاق المنتج الأولي.
  • مسابقات الأعمال التي تطلقها حاضنات الأعمال، فبعض هذه الحاضنات تمنح مكافآت مالية لروّاد الأعمال الذين يتخطّون المراحل الأولى من المسابقات بنجاح.

3- مرحلة تطوير الحدّ الأدنى من المنتج الأولي القابل للتطبيق MVP

تحدثنا في الفقرة السابقة عن عدم الافتراض المسبق بنجاح الفكرة، ووجود الجمهور المترقِّب لإطلاق المنتج لشرائه أليس كذلك؟ في هذه المرحلة، عليك أن تطوِّر ما يُعرف بالحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق MVP والذي يعني نسخة أولية بسيطة تمثّل فكرة رائد الأعمال والحلول التي يقدّمها، مثل تطبيق موبايل ذي واجهة بسيطة للغاية، أو بيع منتج من خلال عربة متنقلة بدلاً من بيعه في محل تجاري.

افعل ذلك بأقل استثمار ممكن للوقت ورأس المال، ثم تأكد من درجة تقبُّل جمهورك للنموذج، وادرس سلوك عملائك، فالمغزى من بناء النموذج الأولي هو قياس مدى نجاح النموذج بأدنى حد للمخاطر، ولا ضير أبداً من إشراك العملاء في تفاصيل كل مرحلة من مراحل تطوير المنتج؛ إذ يعود ذلك بفائدة جمَّة على تطويره بالشكل الصحيح.

فيما يلي أهم الخطوات التي يمكنك اتباعها لمعرفة آراء عملائك وتوقّعاتهم من المنتج:

1- إجراء المقابلات الشخصية مع الشريحة الأولية من العملاء المستهدفين، والحصول على آرائهم حول المنتج الأولي ومدى ملاءمته لاحتياجاتهم.

2- إجراء اختبار A / B الذي يساعد في المقارنة بين متغيرين، أي المقارنة بين نسختين من المنتج لاعتماد النسخة الأفضل بالنسبة للعملاء.

3- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة آراء العملاء من خلال تعليقاتهم ونقاشاتهم حول المنتج، والمنتجات البديلة أيضاً.

يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ بناء نموذج الMVP يجب الأخذ بعين الاعتبار أن بناء النموذج الأولي يحتاج إلى التأني والصبر، ويحتاج إلى العمل عليه بشكل متواصل خلال دورة حياة المنتج للوصول في النهاية إلى أفضل نسخة من المنتج المطلوب.

4- مرحلة التمويل الأولي (Seed Round)

بعد نجاحك في تطوير منتجك الأولي، تأتي مرحلة التمويل الأولي والتي تُعرف أيضاً بمرحلة تمويل البذرة. يمكن تشبيه هذه المرحلة بغرس بذور المشروع وسقايتها حتى تنمو وتصبح شجرة. يساعدك التمويل الأولي على تأمين نفقات الخطوات الأولى لشركاتك مثل: تمويل أبحاث السوق، وتطوير المنتجات، وتوظيف فريق عمل أولي لمتابعة المهمات الجديدة.

يمكنك في هذه المرحلة البحث عن مستثمرين محتملين مثل: حاضنات الأعمال، وشركات رأس المال الاستثماري، ولكنّ أهم أنواع المستثمرين في مرحلة التمويل الأولي وأكثرهم شيوعاً هم المعروفون باسم المستثمر الملاك إي(Angel investor)، يميل هذا النوع من المستثمرين إلى تمويل مجموعة من المشاريع ذات المخاطرة العالية لكسب حصّة كبيرة في هذه المشاريع في حال نجاح أيّ منها. 

احرص جيداً خلال جولة التمويل هذه أن تبرهن على النجاح الأولي الذي حققته فكرتك في منتجها الأولي من خلال البيانات والإحصائيات التي تؤكد اهتمام العملاء بمنتجك، وتحقيقه لإيرادات مقبولة، ومدى جاهزيّته للانتقال إلى مستوى أعلى.

الفوائد الرئيسة لمرحلة التمويل الأولي:

  • توفير المزيد من الوقت لتطوير المنتج من خلال تمويل الأدوات المساعدة في ذلك.
  • تحقيق مرونة كبيرة تتمثل في القدرة على إجراء التعديلات المناسبة لطلب السوق.
  • التأثير الإيجابي على سمعة الشركة الناشئة في السوق.

5- مرحلة المنتج الملائم للسوق (Product/Market Fit)

تحتاج بعد حصولك على التمويل الأولي إلى تطوير منتجك إلى مستوى أعلى من المنتج الأولي، بحيث يصبح ملائماً للسوق بشكل أكبر، ويحقّق قدرة أعلى على المنافسة، ويلبّي كذلك حاجات شريحة أوسع من العملاء. والخبر السار هنا أن شركتك الناشئة في هذه المرحلة تبدأ بتحقيق قفزات نوعية ونموّ متسارع.

تساعدك الأسئلة التالية في تحديد حجم التطوّر الذي يمكن أن يصبح عليه منتجك

  • هل هناك اهتمام من قبل العملاء المحتملين باستخدام المنتج الخاص بي؟
  • هل أصبحوا يفضّلون منتجي على منتجات منافسيك؟
  • هل يميّز العملاء القيمة المضافة في منتجي؟

بعد الإجابة على هذه الأسئلة، حدد حجم التطوير المطلوب في منتجك، ثمّ ابدأ بعملية تطوير منتجك بإضافة التحسينات، وإزالة الميزات غير الضرورية، وتعزيز المزايا الأخرى ذات القيمة الأكبر لعملائك.

يقع العديد من رواد الأعمال بخطأ كبير في هذه المرحلة يتمثل في إنفاق الموارد المتاحة للتطوير في جميع الاتجاهات، تجنّب ذلك في أن تركز على التطوير في اتجاه محدّد، واختيار الاتجاه الذي يعدّ الأهم بالنسبة لقنوات العملاء الأكثر فاعلية، ثمّ الانتقال للتطوير باتجاهات أخرى بعد الوصول لما يلائم السوق في هذا الاتجاه.

6- مرحلة توسيع نطاق العمل (Scaling)

يُقصد بتوسيع نطاق العمل اتخاذ خطوات فعلية عندما تتوقف شركتك عن النموّ، ووصولها إلى مستوى ثابت من المبيعات، لذلك عليك البحث عن أفضل الطرق والممارسات التي تؤدّي لتوسيع نطاق عملك وتطويره، ومن أهمّ هذه الطرق:

  • توظيف فريق من الخبراء في الأقسام الحسّاسة من الشركة.
  • تعهيد بعض الأعمال لشركات خارجية وذلك لإنجازها بكفاءة أكبر.
  • التعامل مع مجموعة أكبر من الموردين والشركات ذات الصلة بمجال العمل.
  • البحث عن المزيد من فرص الاستثمار وبناء علاقات الشراكة.

يعدّ توسيع نطاق فريق العمل أفضل إجراء في هذه المرحلة، إذ يؤدّي وجود الموظفين من أصحاب الكفاءة إلى القدرة على النموّ والتوسّع سواء بتطوير المنتجات الحالية، أو إدخال منتجات جديدة لشركتك. ربّما يكون الخطأ الأكثر شيوعاً في هذه المرحلة هو الاعتقاد بأنّ المراحل الصعبة من حياة الشركة قد انتهت، وأنّه لم تعد هناك تحدّيات قادمة، لذلك لابدّ من الاستمرار في التركيز والمثابرة في العمل، والاهتمام بالشؤون الداخلية للشركة بشكل أكبر.

7- مرحلة النضج والنموّ (Maturity)

على الرغم أن القلة القليلة من الشركات الناشئة تصل إلى هذه المرحلة، ويتوقّف بعضها عند حدّ ثابت من النموّ لا تتجاوزه، لكنّ هذه المرحلة مهمّة للغاية بالنسبة للشركات التي تجاوزت المراحل السابقة بنجاح.

وصلت الآن شركتك إلى هذه المرحلة، عليك البحث عن أسواق جديدة كليّاً، والسعي إلى زيادة حجم شركتك، والتواجد في أماكن جغرافية مختلفة، والعمل حثيثاً على اكتشاف المزيد من فرص النمو من خلال تطوير منتجاتك الحالية وإضافة قيمة جديدة لها، أو عن طريق بناء منتجاتك جديدة لحل مشكلات مختلفة.

يمكنك أيضاً اتباع واحدة من أكثر الاستراتيجيات شيوعاً للشركات الناشئة التي تصل لهذه المرحلة هو البحث عن عروض الاستحواذ من قبل الشركات الكبيرة التي بإمكانها نقل شركتك الناشئة إلى مستويات متقدّمة، وأسواق جديدة، ودول مختلفة، إذ أن الشركات الناشئة الناجحة التي انتقلت إلى الأسواق الإقليمية والعالمية تتجنب دوماً الاقتصار على البقاء في السوق الحالي، والتركيز في التوسّع لأسواق جديدة في بلاد مختلفة، وخوض تحديات جديدة في هذه البلدان.

أخيراً، تُوفّر حاضنات الأعمال من خلال المسابقات التي تطلقها فرصة مميّزة لروّاد الأعمال لتجاوز هذه المراحل، والتغلّب على التحديات القائمة فيها بأقلّ وقت وجهد عن طريق البرامج التدريبية التي تنفذها، والمكافآت المالية التي تمنحها لرواد الأعمال المتميزين، بالإضافة إلى وجود الخبراء والمرشدين الذين يرافقون الشركات الناشئة خلال فترة التأسيس، كما أنّ حاضنات الأعمال توفّر فرصاً للتشبيك مع المشاريع ذات الصلة والمستثمرين المحتملين للحصول على فرص أكبر للتمويل.