
يشترط عالم الأعمال في القرن الواحد والعشرين امتلاك المهارات الناعمة Soft Skills، كمهارات التواصل الفعّال وسرد القصص من خلال العروض التقديميّة الجذّابة، وابتكار وتبادل المنافع من خلال التفاوض الإبداعيّ، وسواء كنت صاحب مشروع ناشئ، أو كنت تسعى للارتقاء بمسارك الوظيفيّ.
لا تقل هذه المهارات أهمية عن المهارات التقنية التي يحتاج إليها أي مشروع ناشئ، أو أي شركة تسعى لأن تبني فرق عمل قادر على إتمام الصفقات، وبناء الشراكات والعلاقات خارج أسوار الشركة من جهة، وعلى التفاوض الداخليّ الفعّال بين بعضهم البعض من جهة أخرى.
تجد في هذا المقال (مقدمة لسلسلة مقالات قادمة) تعريف بمفهوم عملية التفاوض، وكيفية بناء الاستراتيجية التفاوضية، وما هي المهارات اللازمة للتفاوض الناجح، وأخيراُ تحليل عملي لحالة تفاوضية واقعية.
مفهوم العملية التفاوضيّة
يمكن تعريف العملية التفاوضيّة بأنها عملية بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة، بالتزامن مع ابتكار مجموعة منافع ومكاسب يتمّ تبادلها بين هذه الأطراف.
من هذا التعريف، لإنجاح أي عملية تفاوضية يجب على المفاوض إدراك نقطتين هامتين:
1- المنفعة Value
من الضروري تحديد مجموعة المنافع التي تهتمّ بها، والأخرى التي يبحث عنها الطرف الثاني من هذه العملية التفاوضيّة.والمنفعة ليست بالضرورة القيمة المادية المكتسبة من أي صفقة تجارية.
إن كنت تفاوض مدير المشتريات في شركة ما، قد تكون المنفعة التي يبحث عنها هي وقت التسليم السريع، أو تسهيلات بالدفع نتيجة نقص السيولة الحالي الذي يعاني منه، بالمقابل، قد تكون المنفعة التي تبحث عنها من هذه العملية التفاوضية بعد الاتفاق على السعر هي ضمان الدفع. في حال قدّمت له هذه التسهيلات بالدفع، فقد تفاوضه على فتح اعتماد بنكيّ، أو استلام شيكات آجلة الدفع، إذ إن هدفك من المفاوضات أن تتفق معه على آلية دفع تشعرك بالراحة والأمان بأن حقك مضمون بعد توريد المواد أو تقديم الخدمة له.
2- التفريق بين مفهومي المفاوضة والمساومة
من الضروري قبل أن تدخل مفاوضات أن نميّز بين مفهومي المفاوضة والمساومة. في الوقت الذي تعتمد فيه المساومة على مبدأ الالتقاء في المنتصف بين طرفي التفاوض (نقسم البيدر بيننا مناصفة)، كما هي الحال في أغلب البازارات والأسواق الشعبية، يرتكز التفاوض على فهم المنافع التي تحتاج إليها الأطراف المتفاوضة، وتحليل وضعهم التفاوضي من خلال معرفة بدائلهم المتاحة، وتخمين منطقة المنفعة المشتركة بينهم، وابتكار منافع إضافية وتبادلها، والاهتمام بصياغة العرض المناسب؛ بغية تسويقه داخلياً وحفظ ماء الوجه.
كيفية بناء الثقة التفاوضية بين الأطراف المتفاوضة
حتى تنجح في عملية التفاوض، فكّر منذ البداية كيف ستبني الثقة مع من ستتفاوض معهم. إذ تتأتّى هذه الثقة من الفهم الجيد للطرف الآخر، والتعرُّف إلى أولوياته والأمور التي يسعى إليها، لذلك، تعرّف إلى مفاوضك جيداً قبل خوض المفاوضات معه، ثم ابنِ خطتك التفاوضية، وضمّنها حلولاً واقتراحاتٍ تلبي هذه الأهداف، بما يتوافق مع أهدافك التي تسعى إلى تحقيقها من العملية التفاوضية.

بناء الاستراتيجية التفاوضية
لا بدّ من وضع خارطة واضحة تتبعها في سبيل الوصول إلى الاتفاق الذي يلبي لك أهدافك. تشكّل الخطوات الآتية أهم الخطوات التي عليك العمل عليها عند التحضير لاستراتيجيتك التفاوضية، واعلم أنّ إعدادك الجيد لها يضعك في موقف قوة في أثناء العملية التفاوضية.
1- حدّد أهدافك
لا تُغفل تحديد أهدافك قبل أن تبدأ مرحلة التفاوض. حدّد بدقة أهدافك من عملية التفاوض؛ لن يعطيك الطرف الآخر ما تريد بسهولة؛ ولذلك عليك أن تُحدّد مسبقاً هدفك، وما يساعدك في الوصول إليه.
اعرف جيداً النقاط التي يمكنك التنازل عنها، أو التفاوض عليها، والنقاط التي لا يمكنك التنازل عنها، ولا تحصر أهدافك على الأهداف قصيرة المدى، بل ركّز أيضاً على ما يهمّك على المدى الطويل.
إذا حدّدت بدقة ما تريد ستكون أقدر على بناء حججٍ قويةٍ ومُقنعةٍ لمفاوضيك.
2– أجرِ عملية بحث دقيقة
تعدّ المعلومات مصدر قوة، وتزداد أهميتها في المفاوضات؛ فهي تعرّفك على الطرف الذي تتفاوض معه، ما يجعلك أقدر على النقاش وطرح الأفكار، وبالتالي إدارة دفّة الحوار والوصول إلى النتائج التي تريدها.
3- تفاوض مع أصحاب قرار
قبل البدء بالتفاوض، تأكد أنك تتفاوض مع أصحاب قرار يمتلكون السلطة والقرار في تنفيذ الاتفاقية التي تتوصلون إليها، وأنّ التفاوض معهم ليس مضيعة للوقت. يمكنك التعرُّف إليهم من خلال البحث عن الجهة التي ستتفاوض معها، وجمع المعلومات عن أصحاب القرار والنافذين فيها.
4- ابنِ الثقة
لا تنسَ بناء الثقة مع من تتفاوض؛ الثقة أهم عامل في نجاح العملية التفاوضية؛ لأنّ البشر -بطبيعتهم- يولون أهميةً كبيرةً لمواقفهم اتجاه الآخرين، وتتأثر قراراتهم بهذه المواقف.
احرص أن توصل لمن تتفاوض معهم رغبتك بالوصول إلى صفقة Win-Win، وحرصك على تقديم ما يريدونه، ويسعون إلى تحقيقه، فمن شأن ذلك أن يخلق جسور الثقة والتواصل بينكما.

5– اجمع بين الحزم واللين
تحتاج المفاوضات إلى الثبات والمرونة في آنٍ معاً؛ فلا تتنازل عما تريد، وكن واضحاً ومحدداً بشأنه، ولكن ابقِ دوماً باب النقاش مفتوحاً، واعرض فكرتك بأسلوبٍ هادئٍ يدلّ على تفهُّم رغبة الطرف الآخر.
6– لا تقبل العرض الأول
لا تتسرّع في قبول العرض الأول الذي يقدّمه لك الطرف الآخر، فقد لا يكون هو العرض المثاليّ لك. خذ وقتك في التفكير، وادرسه جيداً في ضوء الأهداف التي حدّدتها مسبقاً، وقدّم له عرضاً مقابلاً في ضوء أهدافك وحاجاتك.
بالطبع، ليس خطأ أن تتوصل إلى اتفاقٍ سريعٍ، ولكن لا ضير من أخذ وقتك في التفكير بما يقدمه لك الطرف الآخر، حتى لا تندم بشأن القرار الذي تتخذه في النهاية.
7– فكر ملياً بالأسئلة التي ستطرحها
يعتمد نجاح المفاوضات على نوعية وطبيعة الأسئلة التي تطرح من الطرفين المفاوضين. ابتعد عن الأسئلة المغلقة التي تنتهي بإجابات نعم أو لا، واطرح الأسئلة المفتوحة؛ لكسب أكبر قدرٍ من المعلومات، وفتح مجالٍ أوسع للتفاوض.
انتبه إلى الأسئلة التي تطرحها، فهي تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على النتيجة النهائية التي تنتهي بها العملية التفاوضية.
8– لا تُخفِ مشاعرك
أظهر مشاعرك حيال ما يرضيك، وما لا يعجبك بشأن العروض والنقاشات التي تجري، و استخدم لغة الجسد أيضاً في إيصال مشاعرك، إذ إنها تؤثر تأثيراً كبيراً في مسار المفاوضات بأسلوبٍ لبقٍ وغير جارح لمن تتفاوض معه.
9– ضع سقفاً مرتفعاً لتوقعاتك
ابدأ المفاوضات بشروطٍ أعلى ممّا تسعى إلى التوصل إليه في نهاية عملية التفاوض، إذ إن النقاشات -بطبيعة الحال- تهدف إلى تخفيض مستوى الشروط التي تُطلب خلال عملية التفاوض. من أجل ذلك، يُفضَّل أن تبدأ مفاوضاتك بتوقعاتٍ عاليةٍ حتى تخرج بنتائجَ مرضيةٍ لك في جميع الأحوال.
صفات المفاوض الناجح
حتى تُفرّق بين المفاوض الناجح والمفاوض غير الناجح، سنسهل عليك الأمر بإجراء مقارنة بينهما تُظهر نقاط القوة والضعف لديهما:

مهارات التفاوض الناجح
تختلف مهارة التفاوض عن مهارات التواصل الاجتماعيّ، حيث إن التفاوض يركِّز على تحقيق المكاسب بأقل قدر من الخسارة، وتحقيق ذلك يتطلّب مجموعة مهارات عليك تعلُّمها وإتقانها لتكون مفاوضاً ناجحاً.
1- مهارة التواصل الفعال
تشمل مهارة التواصل قدرة المفاوض على تحديد وفهم كل إشارة لفظية يصدرها الطرف الآخر، إضافةً إلى قدرته على نقل الأفكار التي يريدها بأسلوبٍ بسيطٍ واضحٍ ودقيقٍ.
وأنت كمفاوض، عليك أن تمتلك المرونة والقدرة على تغيير أسلوب التواصل، بما يتوافق مع رغبة المستمع وحاجاته حتى لا يحدث أي سوء تفاهم يعيق التوصل إلى حلّ يرضي جميع الأطراف.
2- مهارة الاستماع
المفاوض البارع هو الأقدر على الاستماع والإنصات، وجمع أكبر قدرٍ من المعلومات عن الطرف الآخر، والأقدر على تذكُّر كلّ التفاصيل والتصرفات التي تصدر عن المفاوض، ثم بناء نقاشاته وردوده بما يتلاءم معها، ويوظفها لمصلحته.
3- مهارة الإقناع
عندما يتعلق الأمر بالتفاوض، فقدرتك على التأثير في الطرف الآخر هي مهارةٌ أساسيةٌ، ونقطة قوة تساعدك في كسب من تتفاوض معه إلى صفك ودعم وجهة نظرك، وينتهي الأمر بوصولك إلى الاتفاق الذي يرضيك.
4- مهارة الإقناع
إنّ لهذه المهارة دوراً أساسياً في نجاح عملية التفاوض، حيث إنها تقوم بشكل رئيسي على تحديد بنود الاتفاق المرجو تحقيقه وخطوات تنفيذه، بالإضافة إلى التنبّؤ بجميع العواقب والمسؤوليات المترتبة على جميع الأطراف على المدى البعيد.
5- مهارة الإقناع
تعلم كيف تتحكّم بمشاعرك وانفعالاتك، فامتلاك القدرة على السيطرة على الانفعالات والتحكُّم بها هي إحدى مهارات التفاوض الأساسية؛ لأنها تزيد من فرص النجاح في عملية التفاوض، كما تزيد من صعوبة توقُّع ردود أفعال الطرف المقابل ، وتساعدك أيضاً -كمفاوض- على البقاء هادئاً ومركزاً في القضايا الرئيسة للتفاوض عليها.
6- مهارة حل المشكلات
لا تجعل اهتمامك منصبّاً فقط على تحقيق المكاسب، بل احرص دوماً على امتلاك التفكير النقديّ، وطوّر من مهاراتك في حل المشكلات والتعامل مع الأمور غير المتوقعة، فتمتّعك بسرعة البديهة يزيد من قدرتك على إقناع الطرف الآخر بأن هدفك هو تحقيق المنفعة المشتركة، وبالتالي التوصًل إلى حلّ يرضي جميع الأطراف المتفاوضة.
7- القدرة على اتخاذ القرار
ربما تصل المفاوضات إلى مرحلة من الجمود تتطلب منك اتخاذ قراراتٍ آنية وحاسمة، تكون في الوقت ذاته حلولاً مرضيةً للجميع. تحول هذه المهارة دون فشل عملية التفاوض برمتها التي قد تحصل بسبب الوصول إلى مراحل من النقاش العقيم .
العناصر الأساسية للتفاوض الناجح
حدّد روجر فيشر مؤسس برنامج التفاوض PON في جامعة هارفرد سبعة مكوّنات رئيسة للمفاوضات، يضمن وجودها فهماً أفضل للعملية التفاوضية، وقدرةً أكبر على إدارتها بفعالية.
وأشار فيشر إلى أنّ التعامل مع هذه المكونات يتأثر بدرجة كبيرة بالهدف الأساسي من عملية التفاوض، بين التفاوض الذي ينتهي بالفوز للجميع Win-Win، أو التفاوض الذي ينتهي بفوز طرف واحد Zero-Sum.
تتلخص هذه العوامل في النقاط التالية:

1- المصالح Interests
تختلف المصلحة Interest عن الموقف Position، ففي حين يشير الموقف إلى ما يريده الطرف المفاوض، تشير المصلحة إلى الأسباب والدوافع وراء هذا الموقف. على سبيل المثال، أن تنفذ مشروعاً خارج ساعات عملك مقابل الحصول على إجازة، تكون الإجازة هي موقفك، أما مصلحتك فقد تتعدّد بين رغبتك في قضاء وقت مع عائلتك أو أسباب أخرى.
ضع في اعتبارك دوماً أن فهم مصالح الطرف الذي تتفاوض معه هو مفتاح التفاوض المتكامل؛ فالتفاوض على الموقف قد يكون صعباً،في حين أن التفاوض على المصالح يفتح باب النقاش، ويزيد احتمالية الحصول على مصالح إضافية، ما يجعل فهم المصالح ومعرفتها قبل بدء عملية التفاوض أداةً تفاوضيةً فعّالة.
2- البدائل
يساعدك تحديد المصالح ومعرفتها إلى وضع خطط بديلة، ورسم مسارات لجميع السيناريوهات المحتملة في المفاوضات، يعني ذلك استعدادك بشكل أفضل، وازدياد فرصتك في النجاح في العملية التفاوضية.
3- العلاقات
تشكل طبيعة العلاقة مع الطرف المتفاوض عاملاً أساسياً في تحديد عدد من النقاط مثل:
- درجة الثبات على الموقف بشأن مسائل معينة.
- كيفية التصرّف في النقاش.
- المنهج المتّبع في التفاوض فوز من طرف واحد أو فوز الطرفين.
لذلك، فقبل البدء بالمفاوضات اسأل نفسك الأسئلة التالية التي ستحدد إجاباتك عليها أسلوبك الذي ستتبعه في عملية التفاوض:
- ما أهمية علاقتي مع الطرف المتفاوض؟
- هل سأتعامل معه مستقبلاً؟
4- الخيارات
يُقصد بالخيارات النتائج المرجو تحقيقها من عملية التفاوض، وهي تختلف عن البدائل. إذا كنت تتفاوض على شراء سيارتك الأولى، تكون البدائل الشراء من تاجر آخر، أو شراء سيارةٍ مستعملةٍ عبر الإنترنت، أما الخيارات فقد تكون دفع مبلغ إضافي للحصول على إطارات ألمنيوم وتأمينٍ طرقيٍ.
أن تصل إلى هذه المرحلة من التفاوض، يعني أنك تتقدم باتجاه ما تريد تحقيقه. على أي حال، ضع في اعتبارك أن مناقشة الخيارات لا يُعدّ أكثر من تمرين عصف ذهني، وليس مؤشّراً على قبول العرض أو اتخاذ قرار نهائيّ حوله، ولكن مناقشة الخيارات تعزّز موقف الطرفين، وتمنحهما الفرصة في التوصل إلى حلولٍ مرضيةٍ لكليهما؛ لذلك تجنّب إطلاق الأحكام وافتراض النتائج.
5- المشروعية
كيف تثبت عدالة عرضك مقابل عرض الطرف المقابل؟ حتى تفعل ذلك، عليك أن تستند إلى حججٍ قويةٍ تؤكد ادّعاءك، وتثبت عدالة اقتراحك بعيداً عن النقاط التي تناقشها على طاولة المفاوضات، ولا تنسَ أن العرض المشروع هو العرض الذي يماشي الواقع في نهاية المطاف.
6- التواصل
يدخل التواصل في أي عملية تفاوض، ويتجاوز مجرد النقاش في موقفك الذي أتيت كمفاوض لتحقيقه، ليشمل مهارات عدة: كالاستماع، ونبرة الصوت، ولغة الجسد، وكل ما له علاقة في إيصال الرسائل بين الطرفين المتفاوضين. لذلك، احرص دوماً على معرفة دوافع الطرف المقابل حتى تتمكّن من التفاوض معه بمهارةٍ وذكاءٍ.
7- الالتزام
يقسم الالتزام إلى شقين: التأكُّد من واقعية الاتفاق الذي تم التوصل إليه وقابلية تطبيقه، ثم تحديد قدرة الطرفين على تحمُّل مسؤولياتهما المترتبة عليهما. وكلما كان الطرف الذي تتفاوض معه ذا سلطة وصاحب قرار، كان الالتزام بتنفيذ نتائج المفاوضات أكبر.
مثال للتفاوض الناجح بين شركتين
حتى لا يبقى الكلام في سياقٍ نظريٍ، ألقِ نظرةً على واحدةٍ من أنجح المفاوضات التي جرت بين شركة والت ديزني وشركة لوكاس فيلم في عام 2012، انتهت باستحواذ الأولى على الأخيرة بصفقة قيمتها أربعة مليارات دولار بعد مفاوضات استمرت لعام ونصف، فكيف حصل ذلك؟
لم تكن هذه الصفقة لتتم لولا الثقة التي حرصت شركة وال ديزني على بنائها مع صاحب شركة لوكاس فيلم، والتي تحققت بتحقيق المنفعة المتبادلة بين الطرفين. ففي الوقت الذي كان فيه روبرت إيغر مؤسس شركة والت ديزني يسعى من الصفقة إلى تثبيت أقدام شركته في عالم صناعة الأفلام السينمائية، وبشكل خاص بعد استحواذها على اثنتين من كبريات شركات صناعة الأفلام، في المقابل كان جورج لوكاس صاحب شركة لوكاس فيلم- رغم رغبته في التقاعد- يبحث ليس فقط على المنفعة الماديًة، بل كان حريصاً على الإبقاء على الإرث الذي حقّقته شركته في سلسلة أفلام حرب النجوم Star Wars.
فهم روبرت إيغر هذه المنفعة وقدم له عرضاً يتضمن بنداً يُلزم شركة وال ديزني بإنتاج ثلاثة أفلام من السلسلة خلال السنوات الثماني القادمة، وكانت السيناريوهات مكتوبة في أثناء إتمام الصفقة.
لم تكن المنفعة هي السبيل الوحيد لبناء الثقة، فكانت العملية التفاوضية على أعلى المستويات بين المدير التنفيذي لشركة ديزني مع مؤسس شركة لوكاس فيلم؛ لإيصال رسالة بالجدّية والاهتمام والحرص على تقديم صفقة تحقق التطلعات، وانتهت المفاوضات win-win.
ارتفعت القيمة السوقية لشركة ديزني باستحواذها على واحدة من أهم العلامات التجاريّة، وثبتت أقدامها في عالم صناعة الأفلام، وتمتع جمهور شركة لوكسا بثلاثة أجزاء من السلسلة، إضافةً إلى المنفعة المادية، وعمل لوكاس كمستشار في شركة ديزني.
ختاماً مع التفاوض الناجح
صحيح أن التفاوض الناجح هو عمليةٌ ممنهجةٌ متسلسلةٌ، يتمّ التخطيط الاستراتيجيّ لها، وتظهر نتائجها بصورةٍ تراكميةٍ على مراحل متعددة تطول أو تقصر، ولكنه يبقى مهارةً يمكنك التدرُّب عليها وإتقانها، حتى تغدو نقطة قوةٍ وركيزةٍ أساسيةٍ لتحقيق ما تسعى إليه. وأنت هل تعدّ نفسك مفاوضاً بارعاً؟ ماذا يمكنك أن تضيف لما قرأته من تجربتك الشخصية؟